داعش
أفقدت الثورة السورية تعاطف العالم معها.
لولا
داعش كان تعاطف أمريكا وأوروبا والأنظمة العربية مع الثورة السورية سيغير الموازين
ويقلب بزر المشمش إلى تين، ويعلي راية الحق والدين، ويصنع حب الحبل من القمردين...
يعني بصراحة، كان التعاطف العالمي سيكون معجزة المعجزات.
ولماذا
نبتعد كثيراً، ألا تذكرون أنَّهُ قبل داعش كان التعاطف العالمي مع الثورة السورية
مدهشاً، حَتَّى إننا لم نكن نصدق هذا التعاطف الذي فاق الحدود!!!
غريب مريب هٰذا
الذي يدور!!!
أيعقل أن الذي
يطلقون هٰذه الشعارت عميان إلى هٰذه الدرجة؟ أيعقل أنهم بلا عقل إلى هٰذه الدرجة؟
متى كان هناك
تعاطف مع الثورة السورية من قبل أي طرف خارجي غير التصريحات التي كانت رنانة في
الأشهر الأولى ثمَّ تلاشت حَتَّى التصريحات قبل اكتمال الشهر التاسع من الثورة السورية؟
أمس راحت الطائرات
الأمريكية تلقي الأسلحة والذخيرة على مقاتلي البي كي كي في عين العرب لمواجهة الدولة
الإسلامية بطريقة تكاد تكون غير مسبوقة إلا في الإنزال الأمريكي في النورماندي في
الحرب العالمية الثانية. مطلات هائلة تحمل رُبَّما دبابات أو كميات هائلة من
الأسلحة في كل مظلة... وفجأة نجد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يقول بأدب جم:
ـ إن عدم إرسالنا الدعم العسكري لهم وهم محاصرون أمر لا أخلاقي؟!!
يا إلهي!!!
ـ إن عدم إرسالنا الدعم العسكري لهم وهم محاصرون أمر لا أخلاقي؟!!
يا إلهي!!!
ما
هٰذه الإنسانية؟ الأمريكيون كلهم أخلاق... الأخلاق تشرشر منهم شرشرة!!! تكاد تشعر
أمام أخلاقهم وإنسانيتهم هٰذه أنهم لار يعرفون ماذا يفعلون بهٰذا الفائض الأخلاقي الذي
يشرشر منهم!!!
إنها
كذبه لا يمكن تصديقها. لأن الشواهد المقارنة موجودة في الحاضر ذاته وليست مستجلبة
من أزمنة ماضية، ولا من أزمنة افتراضية. المدن السورية كلها محاصرة منذ سنوات
فلماذا لم يظهر هٰذا الموقف الأخلاقي؟ لماذا لم يقل السيد كيري إن عدم إرسال الدعم
العسكري لداريا وبرزة والمخيم والوعر والغوطة الغربية والغوطة الشرقية وغيرها
عشرات المدن التي لم تزل إلى الآن محاصرة، وهي محاصرة منذ سنتين أو أكثر؟ ما زالت
محاصرة حَتَّى الآن، بينما كوباني لم يمضي على حصارها أكثر ثلاثة أسابيع؟!!!
لماذا
يا سيد كيري وسيد أوباما لم تظهر أخلاقكم الفاضلة هنا؟!
لماذا
فقط مساعدة الأكراد في مدينة سورية واجب أخلاقي بينما هناك عشرات المدن السورية
التي ماتت من الجوع بسبب الحصار، واستسلمت بسبب الحصار؟؟
هٰذه
إذن ليست أخلاق يا سيد كيري... إنها نذالة.
جرائم
داعش ليست أبشع من جرائم النظام حَتَّى تحاربوا داعش وتتركوا النظام إذا كنتم
صادقين. جرائم داعش كلها أقل بألف ألف مرة من جرائم البورميين بحث المسلمين في
بورما، فلماذا لم تتحرك ضمائركم هناك، ولم تظهر أخلاقكم هناك؟ وما فعله المسيحيون
بحق المسلمين في أفريقيا الوسطى يفوق وحشية داعش ألف مرة، فلماذا لم تتحرك ضمائركم
هناك؟ لماذا لم تتحرك أخرقكم هنا؟
إذن
المسألة ليست مسألة أخلاق وضمير على الأطلاق، فلا تكذبوا علينا، كذبكم لن يمر.
وكذبكم سيرتد عليكم أنتم، إن لم يكن اليوم فغداً. إنكم تقولون بوضوح صريح إنكم
تحاربون الإسلام في كل مكان. ولن تستطيعوا إخفاء هٰذه الحقيقة بالاختباء وراء
أصابعكم، والقول بأننا لن نرسل جنوداً، ولن نخوض حرباً برية... وهلم جراً من هٰذه
السخافات. فعلى افتراض صدقكم بعدم اشتراككم في المعركة البرية، وهو كذب الآن، فإن
طائرتكم تمسح مدن السوريين والعراقيين المسلمين دوت غيرهم. فهل هٰذا لهو لعب مثلاً؟
أم أنكم تمسحون لوحات مرسومة بقلم الرصاص؟!
إن
اشتراك الأنظمة العربية معكم لا يخفف من جريمتكم كما تظنون، إن محاولة أن تكون المعركة
ضد الدولة الإسلامية بأيد الأنظمة المسلمة تحديداً لا يقلل من جريمتكم فالحقائق أوضح
من الوضوح ذاته. ناهيكم عن أن الأنظمة العربية فقدت بل هي أصلاً بلا شرعية، وهي
مفضوحة، وصمودها أو بقاءها اليوم لا يعني استمرارها كثيراً مهما فعلتم في
مساندتها.
الشعب
العربي يعلم أنَّ الأمن القومي العربي هو أمن الأنظمة، وأمن أشخاص الأنظمة
تحديداً. وبهذا المعنى فإنَّ داعش والثورة سواء بالنسبة لهٰذه الأنظمة العربية،
كلاهما يهدد الأمن القومي. ولذۤلك تماسكت الأنظمة العربية في محاربة الثورات وداعش
على حد سواء، ووضعت يدها بيد أمريكا وإسرائيل والشياطين من أجل محاربة داعش ومن
أجل محاربة الثورات على حدٍّ سواء. وإن كان في الخطاب المعلن أشياء توحي بغير ذۤلكَ.
هل
بعد ذۤلكَ نقول إنَّ داعش دعشت التعاطف العالمي مع الثورة السورية؟
سيضحكني
من سيقول لي: أنت متعاطف مع داعش. سيضحكني ويثير سخرتي واشمئزازي معاً، لأنه بعد
كل هٰذا الكلام لم يجد نتيجة يصل إليها سوى أن يقول أو يسأل: أنت متعاطف مع داعش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق