السبت، 11 أكتوبر 2014

هل المعارضة بحاجة إلى تدريب أمريكي



أربع سنوات بل لنقل ثلاث سنوات ونحن نسمع أن أمريكا تدرب المعارضة السورية المعتدلة، كل شهر، شهرين، ثلاثة أشهر، كلَّما طغى على الأحداث حدث سوري بارز بروزاً معيناً تسابق الساسة الأمريكيون بالتصريحات بأن أمريكا تدرب المعارضة المعتدلة.
اليوم الجمعة 10/10/2014م أعلنت وزارة الخارجية الأميركية «أن تركيا وافقت على، طلب أمريكا، بدعم تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة، وتابعت بأنَّ فريقاً عسكريًّا أميركيا سيزور أنقرة الأسبوع المقبل لمناقشة الأمر».
إذا ما الذي كان منذ ثلاث سنوات؟
ماذا كان يحدث منذ ثلاث سنوات؟
هل هي نسخة مماثلة من قصة الخمسمئة مليون التي فضحتنا بها أمريكا منذ ثلاث سنوات تقريباً، وتبين أنَّها كذبة وخدعة يتم التطبيل والتزمير لها منذ ثلاث سنوات، إذا إنَّ الكونچرس وافق عليها فقط منذ أقل من شهر. وموافقة الكونچرس هٰذه لا تعني أنَّها ستدفع أصلاً. وهٰذا بغض النظر عن إلى من ستدفع.
هٰذا الخبر في حقيقة الأمر ينطوي على أكثر من بعد.
من الناحية الأولى فإن تدريب من تسميهم أمريكا المعارضة المعتدلة هو أمر واقع منذ سنوات في دول الجوار، رُبَّما ما عدا تركيا. وهم جاهزون بالآلاف فيما يبدو. ومن ثمَّ فإن الانتقال إلى تركيا يعني تجهيز فريق آخر من العملاء. نعم فريق آخر مكمل من العملاء. أشدد على عملاء للضرورة لأني لا أثق أبداً في أمريكا يمكن أن تدعم أو تساعد أحداً لا يقدم لها الخدمات التي تجعله عميلاً بامتياز. وما مصلحة أمريكا أصلاً في دعم السوريين أو مساعدتهم؟
من الناحية الثانية فإن هٰذه الاتفاقية الأخيرة بَيْنَ أمريكا وتركيا تعني غالباً محاولة جر تركيا إلى التحالف بهٰذا الطعم الذي يوحي لها بأنها صار أو سمح له بأن يكون لها دور في الثورة السورية، فالكثيرون يعلمون أو يظنون بأن أمريكا كسرت كل الأيدي التي تساعد الثورة السورية وسمحت فقط لمن تديره المخابرات الأمريكية/ الإسرائيلية بأن يتدخل، يتدخل لخدمة مصالح أمريكا إسرائيل بالضرورة وليست أي مصلحة أخرى. الولايات المتحدة بحاجة ماسة إلى دور تركي في التحالف لضرب الدولة الإسلامية، وقد عجزت حَتَّى اللحظة عن إقناعها بالاشتراك من دون شروطها التعجيزية المتمثلة بإسقاط بشار الأسد ورُبَّما المنطقة العازلة، أمريكا لن توافق على الشروط التركية، ولذۤلك ألقت طعم إعطائها دوراً في الثورة السورية بعد منعها من القيام بأي دور في هٰذا الشأن.
أظنُّ أنَّ الكثيرين سيعترضون على أنَّ أنَّهُ لا يوجد دور لتركيا. من الصعوبة بمكان تصور أو قبول أنَّها ليس لها دور. هٰذه حقيقة. ولٰكنَّ هٰذا الدور مُحجَّم ومحدود بقرار أمريكي منذ تسلح الثورة السورية وضعت الإدارة الأمريكية والناتو تركيا أمام سقف لا يسمح لها بتجاوزه، وإن تجاوزته في بعض الأحيان فضمن حدود وضرورات. ولۤكنَّهَا ليست مطلقة اليد في حرية التصرف، ملها مثل غيرها ممكن منعوا من لعب أي دور في الثورة السورية. والولايات المتحدة تظنُّ أنَّها تغري تركيا بالسماح لها بلعب دور في الثورة السورية من خلال ما تسميه تدريب المعارضة المعتدلة.
الخطير في الأمر هي فكرة التدريب التي نظريًّا وعمليًّا وإراديًّا تستغرق شهوراً ورُبَّما سنوات. أي إنهم يخططون أن تظل المأساة مستمرة لسنوات آتية... مثلما كانوا يفعلون منذ بداية الثورة عندما كانون ينوون عقد اجتماع بعد ستة أشهر، يخططون لمؤتمر العام القادم للنظر في الأزمة السورية... المأساة لا تحتمل، وهم ببرود يفكرون في التفكير في حل بعد سنة...
لا تستغربوا، فالمخطط الأمريكي الذي أعلن عنه منذ شهر أنَّهُ يمكن أن يفكروا في موضوع سوريا بعد ثلاث سنوات... والتفكير على أساس حلٍّ سياسيٍّ، أي بقاء النِّظام، أي استمرار الثورة استمراراً عبثياً من أجل حلٍّ عكس رغبة الثورة. فلماذا الاستمرار إذن؟
أمريكا تفكر في أحد حلين إما بقاء بشار الأسد أو حكومة عملاء مضمونين. لا تريد ضمانات، لا تريد تعهدات، لم تستطع الثورة حَتَّى الآن أن تقدم لأمريكا الضمانات التي تريدها ولذۤلك وقفت أمريكا مع النظام.
عوداً على بدء، الاستمرار في تدريب المعارضة المعتدلة منذ ثلاث سنوات، وتمديد تدريب المعارضة المعتدلة هو مزيد من البحث عن مزيد من العملاء على أمل الوصول إلى الفريق الذي يمكن الاعتماد عليه. متى يمكن ذۤلكَ؟ أمريكا غير مهتمة بالوقت، مهتمة بالنتيجة.


والدليل على ذۤلكَ هو التساؤل الذي أظل أكرره: هل المعارضة بحاجة أصلاً إلى تدريب؟ وعلى ماذا تدربهم أمريكا؟ ما التدريب الذي يستغرق سنوات؟ على ماذا يدربونهم؟ لو أنهم يدربونهم على غزو الفضاء لفرغوا من التدريب خلال شهرين أو ثلاثة أشهر.
أذكر هنا أنَّهُ عندما أعلنت أمريكا منذ ثلاث سنوات أنَّ الجيش الأمريكي يريد تدريب الجيش الحر، علق بعضهم حينها قائلاً: لعلهم يقصدون أن الجيش الأمريكي يريد أن يتدرب على يد الجيش الحر. هٰذا التعليق الساخر وحده يفضح المشروع الأمريكي والنوايا الأمريكية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق