الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

فليتعلم الغرب الديمقراطية من ديمقراطيتنا



على من لا يريد الترشح للرئاسة تسجيل اسمه.
منذ أكثر من عشرين سنة وأنا أقول: على الغرب، على أوروبا وأمريكا أن يتعلموا الديمقراطية من بلادنا. وهل يمكن أن تقارن ديمقراطيتهم بديمقراطياتنا؟
قطعاً لا تجوز المقارنة. الديمقراطية في بلادنا منفتحة آخر انفتاح، وتصل إلى سقف سقف الديمقراطية، بينما الديمقراطية الغربية محدودة. الخيارات مغلقة أمام المواطن الغربي، أمام المواطن العربي فالخيارات أمامه مفتوحة، مفتوحة على الآخر.
في أوروبا وأمريكا يخوض انتخابات الرئاسة اثنان، ثلاثة أشخاص بالأكثر، وفي التصفيات يكونون أربعة أو خمسة بالأكثر. يعني المواطن مسكين، ملزمٌ بواحدٍ من اثنين أو ثلاثة. أمَّا في بلادنا يا سادة فلا توجد هٰذه الإكراهات للمواطن. الذين يقدمون أوراقهم للترشح بعشرات الآلاف... عندما كانت في مصر ديمقراطيَّة، أيام ترشح محمد مرسي، رأينا طوابير المواطنين المتقدمين للترشح لرئاسة الجمهورية في مصر بالآلاف... وخلصت اللجنة أخيراً إلى إبقاء اثني عشر مرشحاً. في أول انتخابات ليست انتخابات في سوريا على رغم كل شيء ترشح ثلاث وعشرون مواطناً، ولأسباب أمنية بقي ثلاثة فقط كما وعد شريف شحادة قبل الانتخابات بأشهر عندما قال: سيخوض الانتخابات ثلاث مرشحين.
للأسف لا يوجد حالات أخرى لذكرها مثالاً. هاتان هما الحالتان الوحيدتان اللتان جرى فيهما ترشيح لانتخابات رئاسية في العالم العربي منذ ستين سنة؛ واحدة حقيقية في مصر، وواحدة زائفة في سوريا.
ولٰكنَّ هاتين الحالتين تعكسان عكساً أنموذجيًّا لما ستكون عليه الأمور فيما لو فتحت أبواب الترشح الحر في العالم العربي. ستجدون ما لا يقل عن نصف المواطنين مصطفاً على أبواب لجان استلام طلبات الترشح لرئاسة الجمهورية... ورُبَّما تجدون من يعلق قائلاً: يرجى من المواطن الذي لا يريد الترشح للرئاسة أن يرفع يده.
فهل الغرب يعيش ديمقراطية أوسع من ديمقراطيتنا؟
لا تبتعدوا كثيراً، الأمر لا يتوقف على الرئاسة فقط. تعالوا ننظر إلى مشهد الانتخابات النيابية التونسية التي تجري في هٰذه الأيام، تخيلوا أن مئة وتسعين حزباً تتنافس على كراسي البرلمان التي يبلغ عددها 217 كرسيًّا... كيف يمكن أن تبى دولة أو يحدث توافق تحت أي ظرف من ظروف النتائج؟
تونس التي تخلصت من حكم الفرد والحزب الواحد وتخوض تجاربها الديمقراطية الأولى هٰذه هي. تونس ليست استثناءً أبداً، فلا يوجد بلد عربي إلا فيه عشرات الأحزاب.
بعيداً عن السخرية وواقعنا لا يحتمل إلا السخرية، أي ديمقراطية هٰذه التي تفرز عشرات الأحزاب؟ هل هٰذه الديمقراطية؟ أن يكون لكل شخص حزب، وأن يترشح كل مواطن لرئاسة الجمهورية؟ أي ديمقراطية هٰذه؟!! هٰذه ليست عبثية أيضاً، إنَّهُ غباء هستيري مكفول بوكالة رسمية.
أتلكم هنا عن الدول التي فيها مناخ حرية وديمقراطية ولا أتكلم عن الأنظمة المتفردة في  السلطة. الأنظمة المتفردة في السلطة تحتاز الطرف المقابل لهذه الغباوة الهستيرية، التي يمكن اختصارها بقصتين. الأولى نقاش بَيْنَ سوري وأمريكي في التفاخر بالديمقراطية، سأل السوري الأمريكي:
ما دلائل الديمقراطية التي تدعيها؟
قال الأمريكي: أنا الآن أستطيع أن أقف أمام البيت الأبيض وأسب الرئيس كلينتون ولا أحد يعترض علي أو يسألني ماذا تفعل.
فقال السوري: حلو، حلو، وأنا أيضاً أستطيع الآن أن أقف أمام القصر الجمهوري وأسب الرئيس كلينتون ولا أحد يعترض علي أو يسألني ماذا تفعل.
أما القصة الثانية، وهي للمصادفة مرتبطة أيضاً ببل كلينتون الذي التقى بالرئيس حافظ الأسد، وقد علم أنَّهُ يريد ترشيح نفسه للمرة الرابعة، فقال له:
ـ سأهديك أجهزة فرز أصوات الناخبين الإلكترونية التي اخترعناها مؤخراً.
سأله حافظ الأسد: وما ميزتها؟
قال كلينتون: بدل أن يطول الفرز ويضيع الوقت، تقوم هي بفرز الأصوات وتعطيك النتائج بعد اثني عشر ساعة من انتهاء الانتخابات.
فقال حافظ الأسد: قديمة، أجهزتنا تعطيك النتائج قبل الانتخابات بأسبوع.
هٰذه هي ديمقراطيتينا أيها السادة. أفلا يجدر بالعالم الأوروبي والأمريكي أن يأتي ويتعلم منا؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق