الاثنين، 13 أكتوبر 2014

الدولة الإسلامية تربك التحالف الدولي

آلاف العمليات العسكري على مدار نحو شهر ضد الدَّولة الإسلاميَّة منها آلاف الطلعات الجوية التي قصفت مواقع الدَّولة في سوريا والعراق، ومنها مئات ورُبَّما آلاف الصواريخ التي أطلقت القوات الأمريكية تحديداً من بوارجها في  البحر الأحمر والخليج العربي ومن قواعدها العسكرية في دول الخليج العربي، ومنها الحملات البرية على يد الجيش الكردي في العراق وسوريا، والجيش العراقي، والجيش الإيراني، والجيش الحر السوري، وجيش النظام السوري.... ومع ذۤلكَ كله تتقدم الدَّولة بثقة قوة في سوريا والعراق وكأنها لا تتعرض لأي قصف...
هل اندهش الجميع؟
من المؤكد أن كثيرين اندهشوا فالأمر مدهشٌ بالتأكيد. ولۤكن ألم يكن فطاحل الاستراتيجيا العسكرية التي تقود العالم يضعون في حسبانهم مثل هٰذا الاحتمال؟
من المؤكد أن كثافة الضربات ليست مثلما كانت على أفغانستان ولا على العراق في حرب نحرير الكويت وحرب الغزو، ولٰكن هناك كانت الأهداف والمخططات مختلفة، وهنا استراتيجيا مختلفة تحدثنا فيها في مقالات أخرى. ومع ذۤلكَ الضربات كثيفة وقوية، ومع ذۤلكَ الدَّولة الإسلاميَّة تبدو غير متأثرة أبداً، وغير آبهة بكل الحملة العسكرية، وتواصل تقدمها بصورة مدهشة تتكتم عليها وسائل الإعلام. ولذۤلك ما كادت الحملة تبدأ وبجا ما بدا حَتَّى تعالت الأصوات بضرورة التدخل البري.
مسلسل التلميح والتصريح يشبه مسلسل الحرب على الإسلام من التشويه على يد الدَّولة الإسلاميَّة. بدأ هٰذا المسلسل منذ نحو عشرين يوماً. لم يبق مسؤول أمريكي من الرئيس إلى وزير الخارجية إلى وزير الدفاع فالناطقين باسم البيت الأبيض والخارجية والبنتاچون... إلا وقالوا العبارة نفسها تقريبا: الضربات الجوية لن تحسم المعركة... على الرَّغْمِ من أن مخططهم ضربات جوية فقط لمجة ثلاث سنوات على أقل تقدير...
الرئيس الفرنسي أعلن العبارة ذاتها أكثر من مرة، وزير الخارجية الفرنسي أيضاً يكرر الأسطوانة ذاتها. رئيس الوزراء البريطاني يعيد الأسطوانة... الرئيس التركي رجب طيب أروچان أعلن منذ أسبوع أيضاً أنَّ الحملة الجوية ليست كافية لوقف تمدد الدَّولة الإسلاميَّة... وإيران على أكثر من لسان أعلنت ذۤلكَ أيضاً.
العرب كانوا أكثر وضوحاً إذا طالبوا بتدخل أمريكي أو تدخل قوات التحالف على الأرض لحسم المعركة. صدر ذۤلكَ عن العراقيين، وصدر عن الأكراد أيضاً المطالبة بخول القوات  البرية التحالفية لوقف تمدد الدَّولة الإسلاميَّة... ناهيكم عن تصريحات من مسؤولين وقادة عربي خليجيين خاصة تفاوتت بَيْنَ الأسطوانة السابقة والمطالبة بالتدخل البري لوضع حد لانتصارات الدَّولة الإسلاميَّة.
صحيفة الأوبزيرفر البريطانية في 12/10/2014م انتقدت العجز التحالفي عن إيقاف تمدد الدَّولة الإسلاميَّة وقالت «إنَّ الرأي العام الأميركي انقلب مرة أخرى على الرئيس أوباما، في ظل اقتراب مسلحي تنظيم الدَّولة الإسلاميَّة من السيطرة على عين العرب ورفض تركيا التدخل لردعهم».
صحيفة الإندبندنت البريطانية في اليوم ذاته انتقدت تسويغاً قدمه توني بلينكن نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بشأن «إخفاق الحملة في ردع التنظيم في عين العرب، وأشارت إلى أن بلينكن يريد إخفاء الهزيمة». وأشارت الإندبندنت إلى أن «هناك أجواء من القلق والإحباط والإرباك سائدة في الولايات المتحدة جراء تقدم مسلحي تنظيم الدَّولة في مدينة عين العرب في سوريا، والذين اقتربوا من السيطرة على المدينة الواقعة على الحدود التركية». وأضافت أن عين العرب ليست المكان الوحيد الذي أخفقت فيه قوات التحالف في ردع مسلحي تنظيم الدَّولة الذي استطاع بسط السيطرة على معظم مدن محافظة الأنبار غرب بغداد في العراق. وختمت بأن «إخفاق الولايات المتحدة في إنقاذ عين العرب سيكون كارثة سياسية وعسكرية».
أما صحيفة نيويورك تايمز الأميركية وفي اليوم ذاته فقد نشرت مقالا للدبلوماسي التركي السابق رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية سنان أولغن أشار انتقد فيه تركيا، وأشار إلى «أن التحالف يرغب في التدخل العسكري التركي في كل من سوريا والعراق، ولكن أنقرة ترى ضرورة الإطاحة بنظام الرئيس السوري أولا من أجل العمل على استقرار المنطقة برمتها وقبل أن تخطو أي خطوة أخرى».
هل هو توافق؟ أم جوقة إعلامية لتمرير مخطط ما وتهيئة الرأي العام لمخططٍ ما؟
ذكرت في مقالات سابقة ولقاءات تلفزيونية منذ أشهر وقبل الحملة على الدَّولة الإسلاميَّة بأن كل مخاوف أمريكا من التدخل البري سيرمى بها عرض الحائط إذا لم تجد بديلاً من التدخل العسكري المباشر. وهنا مربط الفرس الأمريكي. أمريكا والغرب كما كررت مراراً لا تريد التدخل العسكري تريد أن يقوم المسلمون السنة تحديداً بالقضاء على الدَّولة الإسلاميَّة لأسباب فصَّلنا فيها سابقاً. ولأسباب كثيرة لا بديل عن قيام تركيا بهٰذا العمل، ولٰكنَّ تركيا ترفض دون تنفيذ شروطها المتمثلة بإسقاط الأسد أولاً، ومتمسكة بشروطها نظراً لتجاربها السابقة مع الكذب الأمريكي.
أمريكا لا تريد تحقيق الشروط التركية. ولذۤلك أطلقت العنان لجوقتها وبدأ التنغيم على ضرورة التدخل البري الأمريكي ومعه الغربي. ومنذ أمس بدأ التصريح التلميحي التمهيدي لذۤلك، فأمس 12/10/2014م نشرت صحيفة الواشنطن تايمز أنَّ «الحكومة العراقية تستجدي أمريكا لإرسال قوات برية إلى العراق بعد أن أصبح تنظيم الدَّولة الإسلاميَّة على تخوم بغداد». مثل العادة، إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي نفى ذۤلكَ اليوم.
على أي حال هٰذا الكلام تمهيد وتهيئة للرأي العام الأمريكي وفي المنطقة لعودة الجيش الأمريكي إلى المنطقة، إلى سوريا والعراق، والهدف سوريا أكثر من العراق. وأمس أيضاً في مؤتمره الصحافي قال مايكل ديمسي  رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة أمس 12/10/2014م: «قد نضطر إلى تدخل بري في المعركة ضد الدَّولة الإسلاميَّة...». وتم الإعلان أيضاً في مختلف وسائل الإعلام «أنَّ رؤساء أركان جيوش عشرين دولة، بينها العراق و أستراليا، سيعقدون اجتماعاً غداً الثلاثاء في الولايات المتحدة لبحث دخول قوات برية ضد تنظيم الدَّولة الإسلاميَّة لأن الضربات الجوية غير كافية».
هٰذا الخيار، خيار دخول القوات البرية لا بديل عنه أساساً، ولٰكن أملت الولايات المتحدة أن يكون العرب السنة هم قوات الاشتباك، وجدت صعوبة أو شبه استحالة، فتحولت إلى تركيا، تركيا وضعت شروط غير مقبولة أمريكيًّا، لم يبق إلا الخيار الأخير، هو الانخراط المباشر بالذات في مواجهة الدَّولة الإسلاميَّة. بعضهم يقول هٰذا أصلاً ما تسعى إليه الدَّولة الإسلاميَّة. البقية فيما تكشفه الأيام القادمة. 


علىٰ أنَّ الحقيقة التي يجب أن تبقى في أذهاننا هي أنَّ أمريكا ستعيد احتلال العراق مكرهة. لم تخرج أمريكا من العراق لتعود إليها، هٰذا صحيح. ولٰكن تذكروا أنَّهُ عندما احتل الأمريكيون العراق أعلنوا علىٰ مختلف الألسنة أنهم يغادروا العراق... وهم أصلا لم يفعلوا ما فعلوا ليقدموا العراق للعراقيين. ولٰكن خرجت أمريكا مرغمة ذليلة من العراق تحت ضربات المقاومة العراقية التي أذاقتهم  الويل والذل والهوان.
الذين أخرجوها من العراق هم الذي فرضوا عليها العودة مرغمة عندما بدأ تمددهم في العراق وسوريا. تمددهم وسيطرتهم هي التي ستجعل أمريكا تعود إلى العراق لأنَّهُ الخيار شبه الوحيد أمامهم بسبب عجز الجيوش المحلية عن هزيمة الدولة الإسلامية من جهة، وعدم وجود جيش يمكن أن يقوم بالمهمة التي يريدونها.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق