السبت، 25 أكتوبر 2014

هل هذا تهريج أمريكي أم وراء الأكمة ما وراءها؟



ما تفتأ الإدارة الأمريكية تخرج علينا، فيما يخص الثورة السورية، بَيْنَ اليوم والآخر بتصريح فيه من الفتوقة ما يجعله يبدو تهريجاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
اليوم 23/10/2014م نشرت الواشنطن بوست أنَّ «الجيش الأمريكي سيدرب المعارضة السورية على الدفاع عن المناطق الموجودة فيها، وليس على الهجوم».
الخبر دقيق، واضح، صريح... لندقق في الكلام مرَّة ثانية: تدريب قوات المعارضة السورية على الدفاع عن المواقع الموجودة فيها فقط، وليس على الهجوم...
أكاد لا أصدق. هل هي وقاحة، هل هي غباء، هل هي استغباء... هل يوجد جيش في العالم بتدرب فقط على الدفاع، هل يوجد عسكري في العالم أو حَتَّى مدني لا يعرف أبرز وأشهر وأخطر قاعدة عسكرية، وهي أن الهجوم خير وسلة للدفاع؟؟!
ماذ يدور إذن؟
لنعد ثانية إلى صلب الموضوع. الثورة السورية، أي المعارضة السورية بالمنظور الأمريكي تجاوزت مرحلة الدفاع منذ ثلاث سنوات، ومنذ ثلاث سنوات وهي في حالة هجوم، وإلا لما صارت ثلاث أرباع سوريا بيد المعارضة، وتكاد تكون معظمها مناطق عسكرية وقطع عسكرية للنظام تم الهجوم عليها واحتلالها. إذن المعارضة السورية متدربة على الهجوم والدفاع منذ سنوات. فماذا يعني اليوم أن تقول أمريكا بأنها ستدرب المعارضة السورية على الدفاع، ولاحظوا جيداً: الدفاع عن المناطق الموجودة فيها، وليس هٰذا فحسب بل لا يحق لها الهجوم!!
أمر يضع العقل في الكف حقيقة.
نحن ندرك جيداً أن أمريكا تريد معارضة تخضع للإملاءات الصهيوأمريكية معاً، وأن المعارضة التي تريد تدريبها ودعمها سيتكون أو يجب أن تكون خاتماً في إصبع إسرائيل قبل أمريكا. صحيح أنَّ هٰذا الكلام أو الغاية قديمة ولۤكنَّهُ ينسجم كذۤلكَ مع خبر تداولته منذ أسبوع بعض مواقع التواصل الاجتماعي وتكتَّمت عليه وسائل الإعلام يقول بأن «الولايات المتحدة تريد أن تدرب معارضة سورية خاصة بها»..
تعبيرٌ عجيب غريب مريب... يدل على أن  المعارضة السورية حصص، لكل دولة حصَّة. الحقيقة أن أعضاء الإئتلاف كذۤلكَ، وكذۤلكَ كثير من قادة الجيش الحر... ولٰكن هل وصلت الأمور إلى هٰذه المرحلة من الوقاحة في الصراحة؟!
على أي حال، لنعد إلى صلب هٰذه الفكرة أو التصريح من جديد. حَتَّى نفهم المقصود الأمريكي منها يجب أن نلاحظ جيداً أنَّه تم الإعلان عنه ضمن جملة ظروف ومعطيات تجعله أكثر من غريب وأكثر من عجيب وأكثر من مريب... كل ذۤلكَ مجتمعاً. لماذا؟
التصريح عادي بالمطلق ولۤكنَّهُ مع الثورة السورية استثناء لا يمكن تمريره من دون الكثير من علامات الاستفهام والاستغراب. ومع ذۤلكَ فقد تم الإعلان عنه في ظروف ومعطيات ضمن الثورة السورية تجعلنا نضع تحته وحوله ألف خط أحمر لا خطاً واحداً ولا مئات الخطوط فقط.
لقد جاء هٰذا التصريح في الوقت الذي توجه فيه أمريكا وحلفاؤها ضربات للدولة الإسلامية ومن المفترض والمتوقع حسب أمريكا وحلفها أن تنهزم الدولة الإسلامية، تنسحب من مواقعها... ويجب أن يوجد من يملئ هٰذا الفراغ الذي ستتركه الدولة الإسلامية... ملئ الفراغ مشكلة اثارت الكثير من الأطراف في التحالف الدولي، ويفترض على ضوء الأكاذيب الأمريكية أن يقوم الجيش الحر بدخول المناطق التي ستتركها الدولة الإسلامية، ويتعزز ذۤلكَ مع الكذبات الأمريكية التي تقول بأنها لن تضع يدها في يد النظام، ولن تسمح له بملء الفراغ الذي ستتركه الدولة الإسلامية... فمن سيحل محل الدولة الإسلامية في الأماكن التي ستتركها أو تنسحب منها؟
وفق هٰذا التهريج الأمريكي الأخير فإن الجيش الحر الخاص بأمريكا لن يسمح له يتغيير مكانه، وهٰذا يعني أن أطرافاً أخرى لا تريدها أمريكا هي التي ستحل محل الدولة الإسلامية في الأماكن التي ستخليها!!!
ما هٰذا العبث؟ ما هٰذا التهريج؟
الولايات المتحدة تكذب، والكذب ليس جديداً عليها. في هٰذا التهريجة الأخيرة تؤكد الولايات المتحدة ما ذهبت إليه في اليوم الأول من قيام أمريكا بضرب الدولة الإسلامية في سوريا. يومها كتب بأن هٰذه الضربة جاءت لتنقذ نظام بشار الأسد. جاءت لتنقذ النظام السوري سواء أكان بالتوافق بَيْنَ أمريكا والنظام أم لم يكن، فالأمر بينهما واضح محسوم. إن الضربة الأمريكية للدولة الإسلامية في سوريا منذ ذۤلكَ اليوم وإلى الآن لا تخدم إلا النظام السوري. وهٰذا التصريح يقول بصورة أو بأخرى على الجيش الحر أن يبقى مكانة والنظام هو الذي سيملأ  الشاغر الذي تتركه الدولة الإسلامية، وهٰذا ما يحدث على أرض الواقع أصلاً في كثير من المواقع التي انسحبت منها الدولة الإسلامية منذ بدايات الضربة إلى الآن.
هل يحتاج إلى شرح أكثر؟