الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

هل آن أوان التخلي الأمريكي عن بشار الأسد؟



دلائل استباحة السماء السورية
المؤكد الآن أن الولايات المتحدة الأمريكية حققت الخطوة الأولى التي تسعى إليها وهي جعل سوريا مستباحة لها على مرأى من العالم وصمته
الطيران الحربي الأمريكي الآن يحلق في سماء سوريا مثلما يفعل في أفغانستان واليمن
السؤال الآن: ما موقف الدب الروسي من استباحة سماء حليفه الوحيد من قبل ألد أعداء روسيا وهي الولايات المتحدة الأمريكية؟
سيجيب الروس: هذا بناء على طلب النظام السوري.
حسنا. وأنتم أين صرتم إذن؟
وما قيمة كل تضحياتكم لحماية هذا النظام، واي شراكة استراتيجية هي التي تجمعكما إذن؟
دعوني أقل: طالما أن الهدف محارةب الإسلام فلا بأس، أصلاً أيام الحرب البالدة كان هذا التحالف قاشم ضمنياً، فكيف الآن؟
ولكن
لن تتوقف دلالة هذا الحدث هنا بكل تأكيد.
إن استباحة الأرض السورية من قبل كل مخابرات الدنيا بفضل مقاومة بشار الأسد لمشروع الحرية والديمقراطية جعل الولايات المتحدة على رأس هؤلاء المستبيحين بكل تأكيد. ولكن حتى اليوم هذه الاستباحة الأمريكية للأرض السورية سرية ومحدودة. اليوم بعد إعلان الولايات المتحدة استباحتها السماء السورية جهاراً نهاراً، وتحويل سوريا إلى نسخة جديدة أو إضافية من أفغانستان والباكستان واليمن، يعني أن أمريكا أمنت غطاء حماية لانتشار عسكرها على الأرض السورية، فطائراتها ستحوم فوق كل الأرض السورية وليس فوق منطقة محددة، فداعش منتشرة في كل سوريا. وهذا يعني أن هناك احتمال لتزايد وجود الجيش الأمريكي على الأرض السورية، وسيكون ذلك في الأطراف غالباً من ناحية الأردن وإسرائيل والعراق وتركيا أيضاً.
ثم ماذا؟
بعد أن ضمنت الولايات المتحدة ما لم تستطع أن تحققه من خلال المجلس الوطني والإئتلاف من أجل تحقيق الضمانات المعروفة، وصار بإمكان الولايات المتحدة أن تظل تفعل ما تريد في سوريا على غرار أفغانستان والباكستان واليمن، صار يمكن القول إن القضاء على بشار الأسد صار وارداً أمريكياً. صار وراداً وليس حتمياً. سيكون أكيداً إذا وجدت أن استمرار استباحة الأرض والسماء السورية مكفول أو آمن في المرحلة القادمة غير قصيرة الأجل.
أمريكا منذ فترة لم تعد تريد بشار الأسد، وإعلان أنه جزء من الحل، والسماح له بالبقاء ليس إلا لأنه لا يوجد بديل لضمان أمن إسرائيل سواه. ولأنه أفضل الخيارات المطروحة. أمريكا محرجة جداً ببقاء بشار الأسد أمام شعوبها وتاريخها. ولكنها تفضل هذا الحرج على حرج أكبر. ومجيئ داعش وحضورها القوي في الآونة الأخيرة عزز نظرياً من فرص التمسك ببشار الأسد. ولكنها ترى إلى ذلك من زاوي أخرى وهي أن بقاء بشار الأسد مثلما بقاء المالكي سيعزز فرص داعش أكثر لأنه سيعطيعا مسوغات البقاء والاستمرار، والأخطر من ذلك سيعطي الناس فرصة للتعاطف معها أكثر. وكما فعلت في العراق بسحب ذريعة التعاطف السني مع داعش فإنها غالباً ستنزع فرصة التعاطف السوري مع داعش في سوريا بالقضاء على بشار الأسد.
لن يكونن الأمر بين عشية وضحاها. الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً ربما. أمريما ليست مستعجلة على شيء، فليس منزلها الذي يحترق الآن. المنزل المحترق بعيد عن الجيران حتى الآن. ولكن ما لا تدركه أمريكا أن انتشار الحريق أكثر سيجعل إطفاءه ليس سهلاً. والنار ستأكل اللحية الأمريكية قريباً جداً.
هل فعلاً أمريكا لا تدرك ذلك.
ربما. الوقائع السابقة على امتداد الثورة السورية تدل على أنها لا تدرك ذلك. ولكن الأرجح في الوقت ذاته هو أن الولايات المتحدة والغرب عامة أمام خيارات صعبة أحلاها مر. وكما كررت كثيراً في حوارات تلفزيونية خاصة أن الغرب وجد أن خير ما يفعله هو أن يترك الأمور تسير على تلقائتها لتفرز ما تفرزه، وقيادة الصراع قدر المستطاع، وبعدها لكل حادث حديث. على أمل أن تصل الأمور إلى خيارات أقل مرارة من الخيارات المتاحة الآن.
ولكن الذي يبدو حتى الآن هو أن كل مرحلة تقود إلى مرحلة أشد تعقيداً ومضضاً من سابقاتها، وإذذا استمر الأمر على ذلك فإن الخيارات القادمة ستجعل الغرب لا يندم فقط بل يدفع الثمن، الندم بدأ الآن على السكوت طيلة المرحلة السابقة. الأمريكيون بدأوا يعلنون الندم، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، هولندا... كلهم أعلنوا الندم، كلهم أعلنوا أنهم أخطأوا في التعامل منع الثورة السورية والنظام السوري، كلهم أعلنوا أنهم أضاعوا الفرص الكبرى التي كانت متاحة أمامهم، وأنهم وصلوا إلى خيارات أعقد وأخطر. بالتأكيد إذن، المرحلة القادمة سيبدأ الغرب بدفع الثمن لا مجرد الندم. هم زرعوا وهم يحصدون. وقد نبهنا كثيراً من خطورة انفلات الأمور. لقد قلت مراراً: عندما تنفلت الأمور أنتم من سيدفع الثمن لا نحن. نحن دفعنا كل شيء، ولن ندفع أكثر مما دفعنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق