الأحد، 25 مايو 2014

كنا خير أمة ولم نعد كذلك

الذين يجادولن من باب الهوى
قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
منذ تقعيد اللغة وإلى اليوم كركب اللغويون والفقاء علوم اللغة وقواعدها ليقنعوا أنفسهم ويقنعوا الناس بأن أمتنا خير أمة إلى الأبد. وأن كنتم ليس فعلاً ماضياً، اخترعوا الماضي المستمر وغير المنقطع والمستمر على الظرف والقائم على الحال... كل ذلك ليقولوا إن أمتنا ستظل خير أمة...
ترى ما الفرق في الحجم وعدد الأحرف والإيقاع والوزن بين قول:
كنتم وقول أنتم
لو أراد الله تعالى الاستمراية التي خربوا اللغة من أجلها هل كان عاجزاً عن أن يقول: أنتم خير أمة أخرجت للناس؟
هل وجد أو يوجد ما يمنع الله تعالى من استبدال حرف واحد ليقول: «أنتم خير أمَّة أخرجت للناس» بدل أن يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
ليس الله بعاجز عن ذلك أبداً، ولا يوجد ما يمنعه أبداً، ولو أراد الديمومة قلال أنتم ولم يقل كنتم. فكافانا سيراً وراء وهم دمرنا به أنمتنا وديننا بثقتنا العمياء الحمقاء بأننا خير أمة وستنظل خير أمة مهما كان وصار. أيعقل أننا اليوم خير أمة؟ إننا والله أسوأ الأمم، بل أسوأ من أمم أخرى أدنى من البشر. فكيف نكون خير أمة على الاستمرار كما زعموا وما زالوا يزعمون؟ إن الله لا يخطئ. وحاشى أن يخطئ، ولكن غباءنا أفهمنا الدلالاة على غير سياقها فأمنا بأنفسنا على عواهنها وعددنا غباءناً خيراً، وتفاهتنا خيراً، وسخفنا خيراً، وتقصيرنا خيراً... لقد سعمت كثيراً من الناس أن أنَّ غباء المسلمين أرقى من ذكاء الغرب. لقد سمعت كثيراً من يحرف المعايير والدلالات ليقول إن حضارات الغرب لا قيمة لها أمام أخلاقنا!! أي أخلاق هذه التي نفتخر بها؟ هل حضارة الغرب حقيرة أمام أخلاقنا أم أمام أخلاق الصحابة؟ يجب التمييز والتوضيح. نحن نخدع أنفسنا ونكذب على أنفسنا عندما نظن أننا على خلق، أو حتى أننا نحب أن نكون على خلق. الحقيقة الساطعة الناصعة أن أمتنا تهرب من الأخلاق هروب المرء من أمام الوباء. أمتنا ترى الأخلاق وباء فتهرب منه.
لا تحدثوني عن بعض أشخاص مثل الصحابة. هم بضع أشخاص. انظروا إلى مليار وثلاثمئة مليون مسلم. انظروا إليهم كم منهم على خلق الإسلام!!!
هذه الآية مثل آية لا تقربوا الصلاة... مقرونة بشرط. فقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أي ستكونون كذلك طالما ما زلتم {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}. ولكل من هذه الشروط الثلاث شرحها وتفسيرها في آيات كثيرة، وفي أحاديث كثيرة. فكما أنَّ قولك: «لا تقربوا الصلاة» لا يستقيم إلا بمتابعة الآية: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأنْتُمْ سُكَارَى}. كذلك لا يستقيم قولك: «كنتم خير أمة أخرجت للناس»، إلا بمتابعة الآية: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أي ستكونون كذلك طالما ما زلتم {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}. والتزام ما تقتضيه الآية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق