السبت، 17 يناير 2015

ميستورا يستمر في الضحك علىٰ الثورة


دي مستورا راجع حمياناً، وأوَّل تصريحٍ أدلىٰ أنَّهُ «لن يتخلَّىٰ عن خطَّة تجميد القتال في حلب»، مهما كلَّفه ذۤلكَ من ثمن. وكأنَّ القضية السورية هي قضيته الشَّخصية... ولٰكن أين يقف السيد دي ميستورا؟ ومن هو الفريق اذلي يمثله؟
لن نلف وندور، لقد كتبت مع تقديمه لنفسه وخطته بأنَّهُ يستحقُّ أن وزير المصالحة الوطنية في حكومة بشار الأسد بدل الوزير علي حيدر. يعني سلفاً، لن نكون أمام جديد. ومع ذۤلكَ إذا انتقلنا إلىٰ الخطوة التالية من تصريحه أمكننا أن نقترب قليلاً، فقد وصف هٰذه الخطَّة بأنَّها «بادرة حسن نية».
بادرة حسن نية ممن يا سيد ميستورا؟
يقول متابعاً: «بادرة حسن نيَّة يجب أن تعمم علىٰ أنحاء البلاد كافة».
إذن حسن النية يجب أن يكون من الشَّعب. علىٰ الشَّعب أن يطهر نفسه وأن يحسن النيَّة بالنظام ودي مستورا. النِّظام وميستورا لا حاجة لأن يبديا أيَّ حسن نية فنيتهم حسنة  ولا أحلى منها نية.
هٰذا التَّجميد للقتال هو مكافأة للحلبيين علىٰ حسن نيتهم إذا صدقوه وأحسنوا نيتهم، فهو يتابع قائلاً: «إنَّ مبادرته تسعى لإعطاء مدينة آمنة للسوريين».
أكَّد دي ميستورا أنَّ «مصلحة السوريين تقتضي تجميد القتال». ولٰكن لا ندري مصلحة من السوريين ولا كيف ولا لماذا؟ لا شكَّ في أنَّ أحداً ستتحقق مصالحه من هٰذه المبادرة لدى تطبيقها، ولٰكن من هو هٰذا المستفيد وكيف؟
ويستمر بوقاحة صريحة في الضَّحك علىٰ السُّوريين، مثلما ضَحِكَ عليهم المجتمع الدولي منذ بداية الثَّورة، فيقول بصريح العبارة: «إنَّ الظُّروف حالياً تغيرت وطرأت مستجدات علىٰ السَّاحة تجبر الأسد علىٰ التَّفاوض وتجميد القتال».
هٰذه الطريقة والأفكار ذاتها التي كررتها أمريكا وأوروبا والعرب عشرات المرات منذ بداية الثورة لتسويغ عدم التَّدخُّل،  وعدم دعم الثَّورة، وعدم دعم الجيش الحر، ودعم اتخاذ موقف، وهٰكذا.
لاحظوا جيِّداً ما الذي سيحدث، الذي يحدث وفق دي ميستورا أنَّ الظُّروف، الظُّروف هي التي ستفرض علىٰ الأسد التَّفاوض وتجميد القتال وليس تسليم السُّلطة، ولا سلطة انتقاليَّة، ووعود إصلاحيَّة ولا أدنىٰ طلب من مطالب الثَّورة. فقط تجميد القتال والتَّفاوض. وهٰذان أصلاً هما مطلب النِّظام ذاته منذ بداية الثورة السِّلميَّة وإلىٰ الآن. كانت طلباته تجميد المظاهرات والتفاوض الذي كان يجريه علىٰ قدم وساق. ثمَّ مع الثَّورة المسلحة صارت الهدن والمصالحات والمفاوضات التي ما زالت علىٰ قدم وساق أيضاً.
إذن ما جديد دي ميستورا؟؟
الذي يبدو واضحاً صريحاً لا لبس فيه أن ميستورا حمل خطة النظام ذاتها وراح يسوقها بالطريقة ذاتها من دون أي إضافات أو تعديلات علىٰ الإطلاق، وبدل أن يقوم وزير المصالحة أو ضباط المخابرات بتطبيقها سيقوم هو بتطبيقها.
الجديد الذي لفت دي مسيتورا الانتباه إليه هو ما أشار إليه منذ طرح الخطة قبل أشهر، وهو أنَّهُ يجب أن يتَّحد الجيش الحر والنظام لمحاربة الدولة الإسلامية، وقال ذۤلكَ بوضوحٍ وصراحةٍ سابقاً، وبوضوح وصراحة في تصريح أمس، قال: «إنَّ أبرز تلك المتغيرات هي سيطرة داعش علىٰ ثلث مساحة سوريا، بالإضافة إلىٰ اقتناع الأسد باستحالة تحقيقه أيَّ نصرٍ عسكريٍّ علىٰ الأرض».
جميل جدًّا، لنلاحظ جيِّداً مرَّةً أُخْرَىٰ. الجديد ليس أيُّ ضغطٍ دوليٍّ ولا إقليميٍّ، ولا وعود أممية ولا دولية ولا إقليمية... الجديد اقتناع بشار الأسد أنَّهُ لن يستطيع أن ينتصر عسكرياً، ووجود الدولة الإسلامية، وبشار الأسد بحاجة إلىٰ مساعدة ومؤازرة في محاربة الدَّولة الإسلاميَّة، ولا بديل عن الجيش الحرِّ لمساعدته في ذۤلكَ لعدم رغبة أيِّ دولةٍ في الدخول إلىٰ سوريا لمحاربة الدَّولة الإسلاميَّة. وقد أوضح ذۤلكَ ميستوراً بمفضوحيَّة عالية الجودة إذ قال بوجوب «التركيز أكثر علىٰ قتال داعش التي باتت تبعد عن حلب أقل من 20 كيلو متر».
ثمَّ ماذا بعد هٰذا الوضوح؟
ماذا بعد أن تتم المصالحات وتجميد القتال في كل سوريا والقضاء علىٰ الدولة الإسلامية بعد بضع سنوات إن حدث ذۤلكَ؟
هل سيعود السُّوريون إلىٰ ثورتهم من جديد؟
هل سيترك بشار الأسد السُّلطة ويرحل؟
إذا كان بشار الأسد في أحلك الظُّروف والضُّغوط والتَّهديدات وأشد حالات الضَّعف لم يقدِّم تنازلاً واحداً للثَّورة والشَّعب، فهل يمكن أن يفعل شيئاً من ذۤلكَ عندما تنقلب كل الموازين لصالحه؟
وإذا كان المجتمع الدولي في ما مضى من مراحل لم يستطع أن يفرض علىٰ بشار الأسد أي تنازل ولا أدنى تنازل للثورة والشعب فهل سيستطيع شيئاً من ذۤلكَ بعد أن تعود للنظام نقاط قوته وتنقلب الموازين لصالحه؟
إذا من الهبل والخبل والغباء عدم النظر إلىٰ خطة دي ميستورا علىٰ أنَّها ليست لإعادة تأهيل للنِّظام السُّوري وإعادة ترتيب أوراق قوَّة النِّظام وإعادة المبادرة الكاملة للنِّظام برضى الثورة وقبولها وبوسة يد علىٰ البيعة أيضاً. أي إنَّ الثَّورة خارج كلِّ الحسابات، والشَّعب خارج كلِّ الحسابات. وكل ثورة وأنتم سالمون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق