الخميس، 15 يناير 2015

السوريون هم من أحرق ربيعهم



كانت القماقم مغلقة بإحكام، قليل من الشياطين كانوا خارج القماقم. ولٰكن منذ سنتين والقماقم تتفتح تباعاً بشدَّةٍ وكثرة. ولذۤلك لا تعجبوا، ولا تندهشوا: سترون الشياطين شخصيًّا عما قريب قريب...
رُبَّما كانت الثورة السورية سبباً ولۤكنَّهَا ليست كل الأسباب. الشياطين أصلاً موجودة. ولۤكنَّهَا كانت مقيَّدة. لن أذهب إلىٰ شياطين الأرض، يكفي أن أسلط الضوء الذي يجب تسليطه اليوم علىٰ شياطين سوريا.
الذين دعسوا على زهور الربيع السوري.
الذين لعقوا من دماء الشهداء أموالاً تنعموا بها.
الذين يعيشون في فنادق خمس نجوم علىٰ حساب الثورة.
الذين ركبوا الثورة وسخروها لنزواتهم الشخصية وإشباع عقد نقصهم في الظهور والاستعراض والزعامة...
ها هم اليوم يعلنون أنَّ الثورة صارت رهينة الدول الإقليمية وغير الإقليمية وأن سوريا صارت مرتعاً لمخابرات أصغر الدول وأكبرها!!!
من رهنها لهم غيركم أيها الأوغاد السفلة القذرون؟؟؟
ألستم سدنتها علىٰ مدار ثلاث سنوات كاملة؟؟؟؟؟
هل دبت فيكم النخوة والشرف والوطنية بعد أن دمرتم كل شيء واستنفدتم فرص النهب والاستعراض والتفلسف... بل بعد أن انفضحتم وخرجتم بقوة الفضيحة من دائرة الفعل وانغلقت الأبواب أمامكم؟
ومع ذلك، ومع الانفضاح الكبير هي بعض الدول الإقليمية تعيد تدوير وتصنيع معارضين منهم لقيادة جديدة للثورة... ويستمر الضَّحك علىٰ لحى السوريين بسبب السوريين اللصوص والمعقدين...
أرجو أن لا يدافع أحد عن أحد منهم...
منذ البداية هذا ديدنهم والأدلة كثيرة.
منذ أن بدأوا عمدوا إلىٰ إقصاء الكفاءات السياسية التي انشقت عن النظام كي ينفردوا في استعراض بلاهتهم من دون أن يفضحهم أحد. أقصوا الكفاءات الكبيرة التي انشقت عن النِّظام بزعم أنَّهم أبناء البعث، أبناء النظام، أبناء لا أعرف ماذا... كل ذۤلكَ كي يظلوا هم الزعماء ويتفردوا في الاستعراض التفلسف بعيداً عن الاختصاصيين الذين سيفضحون غباءهم... هٰذا إذا تركنا السَّرقات والعمالة والخيانة جانباً. والقصة أطول ن ذۤلكَ.
منذ سنتين وأكثر وأنا أكرر بَيْنَ الحين والآخر عبارة: «إذا قتلتم كباركم أكلتكم كلاب أعداءكم...».
كان الكثير يضحك. وَذَهَبَ بهم الظَّن مذاهب شتَّى إلا إلىٰ الحقيقة.
المشكلة ليست في قيادات الثورة وحدها في حقيقة الأمر، المشكلة في عقلية كثير من أبناء الثورة ذاتهم، وهٰذا أمر طبيعي، فمن أين جاءات هٰذه القيادات؟
كثير من أبناء الثوار وأنصار الثورة والشعب السوري بهٰذه العقلية الإقصائية. والمصيبة فيها ليست إقصائية لمن يخالفني الرأي، وإنما هي إقصائية لمن ينافسني علىٰ منصب أو مكسب. لقد وجدت الكثيرين ممن ليسوا من قيادات الثورة بعقلية قيادات الثورة؛ عقلية الاستعراض وحب الظهور والتفلسف.
حسناً، أين أنتم من قوله تعالى: وَاسْألُوْا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُوْن؟ وأين أنتم من: واسأل من كان بها خبيرا؟
لا يمكن أن تسير الأمور علىٰ خط مستقيم مئة بالمئة، ولٰكن عندما تؤول الأمور إلىٰ غير أهلها فلن تسير إلىٰ صواب أبداً... والدليل هو ثورتنا هٰذه التي طالت بغباء ولصوصية قاداتها ورهن الثورة للخارج...
سيوجد من يقول انشقوا خوفاً أو طمعاً أو غير ذۤلكَ. هٰذا كلام لا يعتد به. فنحن لا نكشف عن القلوب، قد يكون وقد لا يكون... علينا بصورة الحدث وهو الانشقاق والتضحية... ومن يثبت عليه غير ذۤلكَ يحاسب عليه في حين المحاسبة.
وعلى أيِّ افتراضٍ كان فإنه لا يوجد ما يسوِّغ أن يقود الثورة والجيش الحر أبو زحيط شداد الخيط، واللاطاط خراط البلاط، وأبو كدان سراق الدخان وقس علىٰ ذۤلكَ... بذريعة أن السياسيين والضباط انشقوا عن النظام خوفاً من الثورة أو طمعاً بركوب الثورة. من غير المعقول ولا المقبول تخوين الجميع ولا تقزيم الجميع...  
سيقول بعضهم إني أقول إن كل المنشقين ملائكة وعظماء!!!
يا أخي أنا لا أقول ذۤلكَ. ولٰكن فيهم العظماء والمختصين الكبار وكثير منهم مخلصين. ومن عاد لحض النظام اسألوه لماذا عاد؟ هل عاد لأنه لم يحصل علىٰ مكاسب أم لأنه وجد حميراً يريدون ركوبه قيادته؟! ومثال أثير منذ أيام: أين القصير الذي غامر بحياته لإيصال الخمسين ألف صورة لحالات التعذيب والقتل في المعتقل؟ هل انشق هٰذا الرجل ليركب الثورة؟ هل انشق ليأخذ مكاسب من الثورة؟ هو ليس وحده كذۤلكَ، الكثيرون مثله. ولٰكن نحن لا نريد أن نرى ولا أن نعترف.
لو كان يدرك لصوص الثَّورة حقيقة ما ينتظرهم لركبوا أول قطار إلىٰ خارج الكرة الأرضية... ولٰكنَّ الإنسان لا يصدق حَتَّىٰ يرىٰ... القذافي وهو يجلس علىٰ خازوق الإعدام كان يأمل أن يتم استبداله بكرسي السلطة من جديد... ولذۤلك يصعب تخيل رؤية لصوص الثورة وهم يهربون. سيظلون علىٰ أمل أن يستمروا أكثر وأكثر وأكثر.
ولٰكن إذا رأيتم لصوص الثورة يهربون فاعلموا أنَّهُ أتاهم اليقين بأن الثورة انتصرت... أو أتاهم الأمر من أولياء أمورهم بأن يسلموا النظام مقاليد أمور ما يتحكمون به من غير المال.
بشار الأسد ماضٍ في مشاريعه وكأنَّ شيئاً لم يحدث في سوريا. يتصرَّف وكأنَّ ما هو كائن ليس إلا بضعة إرهابيين أثاروا صخباً في عدة شوارع وسينتهي الأمر قريباً وتعود المياه إلى مجاريها وكأنَّ شيئاً لم يكن!!!
بشار الأسد لا يرى إلا أنَّهُ الرئيس وسيبقى الرئيس وسيكون ابنه حافظ رئيساً من بعده.
على الرَّغْمِ من أنَّ النظام أضعف من أن يصدق أحدٌ فإنَّهُ يتصرَّف بثقة وخطوات بعيدة المدى، ولا يعنيه الوقت بقدر ما يعنيه الانتصار أخيراً. بينما قادة الثورة يتصرفون ببلاهة وفوضى وعبثية وهبل ويظنون أن النظام يتصرف بعبط وهبل... ويفرحون بتصيد أخطاء ترميها مخابرات النظام طعماً لهم.
المخابرات أيها السادة تعمل بخفاء وخبث ودهاء لا يدركه إلا الشياطين. مخابرات العالم كله كذۤلكَ، وعلىٰ الشُّعوب أن تعي ذۤلكَ.
دائماً يسبقون تفكير الآخرين شهوراً بل كثيراً من السنين. والذي يوقعهم في شرِّ أعمالهم ويعكس دهاءهم وبالاً عليهم هو دهاء التاريخ وليس حركة الشعوب كما يتوهم الكثيرون.
حَتَّىٰ تفهموا دهاء التاريخ عودوا إلىٰ هيچل.
رحمة الله عليك يا هيچل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق