وإلىٰ جانب
ذۤلكَ يكثر الصائدون في الماء العكر لاستغلال وقائع وأحداث في تسويق أوهام لا أساس
لها من الصحَّة وخلط الأوراق والمفاهيم والأفكار لتضيع (الطاسة) أكثر مما هي
ضائعة.
تحت هٰذا
الباب الكثير من الأفكار والممارسات التي يجب الوقوف عندها. ولٰكنَّ مسألة خطيرة
اليوم تدور رحاها علىٰ أرض الواقع اسمها عاصفة الحزم. عاصفة الحزم هو اسم العملية
العسكرية الجوية حَتَّىٰ الآن التي تقوم علىٰ أرض اليمن تحت شعار الدفاع عن
الشرعيَّة. الاسم واضح وضوحاً تامًّا هو الدفاع عن شرعية الرئيس اليمني عبد ربه
منصور هادي. ومع ذۤلكَ تنطع المتشدقون المتفهمون لتحميل هٰذه العملية أحمالاً تكسر
الظهر مما ليس في خلد قيادة العملية علىٰ الإطلاق. ومع ذۤلكَ فإنَّ الأنظمة
السياسية لا توضح وتسير في هٰذا السراب والضباب لاستغلال مشاعر الشعوب.
علىٰ
الرَّغْمِ من كلِّ التَّطبيل والتزمير لعاطفة الخزم، لا يمكنني أبداً أن أقبل كلَّ
هٰذا التهويل في أنَّ هٰذه العمليَّة دفاعٌ عن الأمة، ولا دفاع عن الإسلام، ولا
مواجهة المد الشيعي، ولا وقف المد الفارسي... كله كذب بكذب بكذب.
هٰذه العملية
هي تأمين مضيق باب المندب لخدمة المصالح الأمريكيَّة حَتَّىٰ لا يكون موضع ابتزاز
من الحوثيين أو إيران إذا ما استحكموا بالمنطقة... وقد وصلوا إلىٰ هٰذا الحدِّ
تقريباً، بل صرَّح غير مسؤول إيراني بأنَّ مضيق باب المندب صار تحت سيطرتهم، إلىٰ
جانب مضيق هرمز.
مهما كانت
الأقوال والتصريحات والتسويغات والتصويجات لا يمكن تصديق أنَّ التَّحالف العربي؛
تحالف عاصفة الحزم، هو لمواجهة المد الشيعي أو وضع حدٍّ له علىٰ الإطلاق. لا
يستقيم ذۤلكَ مع أي مناقشة عقليَّة، ولا يصمد أمام أي محاجَّة منطقيَّة. لو كان كذۤلكَ
فعلاً لقطعوا رأس الأفعى في العراق وسوريا لأنَّ التمدد الإيراني في هٰذه المنطقة
هو الأخطر علىٰ الجزيرة العربية، والعالم العربي كله، بينما اليمن تحت السيطرة في
أي لحظة بعد قطع رأس الأفعى، اليمن زاوية في الجزيرة محصورة مهما بلغ خطر الحوثيين
وشريكهم علي عبد الله صالح. عندما يقضى علىٰ منبع الخطر تصبح الفروع هوامش بلا
قيمة.
بقاء التَّمدد
الإيراني في العراق وسوريا أخطر بألف مرَّةٍ من وجوده في اليمن، فلماذا هبوا هبوا
الشجعان لضرب اليمن بعد ساعات من مناشدة الرئيس اليمني، بينما هم يتفرجون علىٰ
ضياع العراق وسيطرة إيران عليها منذ عشر سنوات؟ وشاهدوا ويشاهدون الاحتلال
الإيراني لسوريا من أربع سنوات... من دون أي تصريح أو اعتراض أو حَتَّىٰ تذمر بل
حَتَّىٰ ما يشبه التذمر، بل الأكثر من ذۤلكَ وأخطر بألف ألف مرة أننا نرى بأعيننا
ويقيينا كيف أن دول الخليج هٰذه ذاتها ساعدت نوري المالكي علىٰ النجاح وكانت سلاحه
الإعلامي وسنده التمويلي مع كل ما يدل عليه اسم المالكي من ممارسة طائفية وهيمنة
إيرانية علىٰ العراق وسوريا، ولا أتحدث عن
الدعم الخليجي العربي للسلطة وتعزيز خضوعها لإيران وتهميش السنة وحرمانهم
من القدرو علىٰ الدفاع عن أنفسهم.
ما يفعله
العرب هو تأمين المصالح الأمريكية علىٰ باب المندب لا أكثر. وإن كان من أكثر فهو
تدمير اليمن وقدرات اليمنية تحت ذريعة محاربة الحوثيين. لا أقول هم يريدون
الحوثيين، ولۤكنَّهُم لا يريدون اليمن.، ولا يحاربون المد الشيعي ولا المد
الإيراني ولا يدافعون عن العرب ولا عن الإسلام، هٰذه كلها أوهام.
وأمريكا التي
يتبع لها أباطرة العرب هي مع إيران أكثر مما هي مع الأباطرة العرب. والكلُّ يغمس
خارج الصحن في فهم ما يدور في التَّفاوض بَيْنَ إيران وأمريكا حول الملف النَّووي
الإيراني.
حَتَّىٰ تفهموا
تذكَّروا جيِّداً أنَّ أمريكا لم تمنح النظام العراقي فرصةً تفاوضٍ واحدةٍ علىٰ ملفِّه
النَّووي وحاصرت العراق حصاراً شاملاً ثمَّ احتلتها ودمَّرمتها وتبَيَّنَ أنَّهَا
كانت تكذب في كلِّ ادعاءاتها ضدَّ العراق.
أمَّا إيران
فالتَّفاوض معها ما زال نحو عشرين سنةٍ يمتدُّ من دورةٍ إلىٰ دورةٍ، ومن مكان إلىٰ
مكان، ومن تفاهمٍ في بندٍ إلىٰ تفاهم في بندٍ جديد وتراجع عن بندٍ قديم...
والبقية عند
من يفهم في ملئ الفراغات، ومن هٰذا الباب علىٰ سبيل المثال تذكروا أنَّ الفندق
الذي توصلت فيه أمريكا إلىٰ اتِّفاقٍ مع إيران في لوزان بسويسرا هو الفندق نفسه
الذي شَهِدً مباحثات القضاء علىٰ الإمبراطوريَّة العثمانيَّة وتوزيع تركة الرَّجل
المريض بَيْنَ الدُّول الاستعماريَّة حينها.
وفي هٰذا السِّياق
ذاته فإنَّ خلاصة الاتفاق الأمريكي الإيراني أنَّ أمريكا تعلن انتصارها في التفاوض
والتوقيع، وإيران تعلن انتصارها في التفاوض والتوقيع. وهٰذا نسخة مكررة من التوافق
الذي تم قبل سنة تقريباً. ويبرز السُّؤال: إذا كان الفريقان انتصرا معاً فعلىٰ من
انتصرا إذن؟
ومع ذۤلكَ
الواضح كلِّه، نجد أنَّ العرب المسلمين ضاقوا ذرعاً بتركيا وتركوا الدنيا ولا همَّ
لهم إلا إسقاط حزب العدالة والتنمية في تركيا لأنه يحكم وينجح باسم الإسلام. أكبر
هم لهم الآن إشعال تركيا بالمشكلات. فعلوها منذ سنة ولم ييأسوا... بوادر أزمات
تتصاعد الآن. وفي المقابل يفضلون إيران علىٰ تركيا ولذلك يفعلون كلَّ ما ييسر
سيطرتها علىٰ العالم العربي، أمَّا تركيا فلا ولا وألف لا... ليست تركيا وحدها الهدف وإنما الهدف هو الذات العربية بالمطلق،
والإسلام بالمطلق.
إيران،
وأمريكا والهندروراس... يسعون لتحقيق مصالحهم، ويجوز العتب علىٰ الآخرين لأنَّهُم
يسعون لتحقيق مصالحهم... العتب واللوم والغضب علىٰ العرب لأنَّهُم لا يدركون مصالحكم ولا يسعون
لتحقيقها.
حين تكون
أمتنا ملطشة لكلِّ من في الأرض من سفهاء فلأنَّ أمتنا جعلت من الأغبياء سدنةً
ووجهاء.
علىٰ من يمثِّل
دور النَّعجة أن لا يستغرب أنَّ كلَّ الخواريف (تنط عليه)؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق