بشار الأسد
وضع نفسه أمام خيار اللاعودة منذ البداية، ومنذ البداية أعلن أنَّهُ سيموت دفاعاً
عن السُّلطة. طيلة أعوام الثَّورة، باستثناء الفترة الأخيرة، كانت الخيارات بيده
وأمامه، أكثر من خيار كان أمامه دائماً، ولۤكنَّهُ في كلِّ مرَّة كان يؤثر دفع
العربة إلىٰ الأمام أكثر.
كلام حلو. ولكن
ما أريد معرفته قبل أيِّ تعليقٍ هو: ماذا كان يملك طلاس من السُّلطة؟
صحيحٌ أنَّهُ
ما أُخِذَ بالدَّم يدافع عنه بالدَّم، وما أُخذ بالدَّم لا يستردُّ إلا بالدَّم.
هٰذا الكلام صحيحٌ ودقيق أيضاً. ولٰكنَّ ما قاله مصطفى طلاس كذبٌ تام الأركان. فهم
لم يأخذوا السُّلطة بالدَّم ولا بالسَّيف. متى أخذوها بالدم وكيف وممن أخذوها
بالدم؟ هل كان ذۤلكَ في المنام مثلاً، أم قبل التَّاريخ عندما لم يكن هناك شهود؟!
إذا أردت أن
تكذب فأبعد الشهود. نحن شهود علىٰ استلام السلطة من بدايها في عام 1963م عندما سمي
الانقلاب ثورة، مثلما سمى السيسي انقلابه ثورة، وقاموا بتصفية رجال النظام السابق
مثلما فعل السيسي اليوم تماماً. وبعدما ترسخَّت السُّلطة الانقلابيَّة (الثَّوريَّة)
انقلب عليها حافظ الأسد وسمَّى انقلابه حركة تصحيحيًّة، وقام بتصفية شركائه في
السلطة لأنه لم ينقلب علىٰ خصوم ولا أعداء. فكيف ومتى أخذ طلاص وصحبه السُّلطة
بالدم؟!
بشار الأسد
ونظامه يؤمنون بفكرة طلاس، وقد كرروها مراراً للأسف علىٰ أنَّها حقيقة. وما أكثر
من قال هٰذه العبارة بالحرف... علىٰ الأقل.
يبدو أن بشار الأسد ونظامه باتوا يدركون هٰذه
الحقائق المرة، وانعدام الخيارات، وفي هٰذا السياق كان رد بشار الجعفري في
22/4/2015م علىٰ مندوب السعودية في الأمم المتحدة الذي هدد بضربة جوية لسوريا،
عاصفة حزم ضدَّ سوريا. بغضِّ النَّظر عن القصد السُّعودي من عاصفة الحزم بسوريا،
فإنَّ رد الجعفري لم يكن تهديداً للسعوديَّة لأنه لا أحد يجهل هشاشة النظام السوري
وعجزه عن تحرير قرية سورية من يد الثُّوار، رد الجعفري كان استفزازاً للسُّعودية
من أجل تنفيذ الضربة فعلاً، لقد حرفيًّا: «إن كنت رجلاً
كن عند كلامك؟ فلتفي بوعدك ونعدك بمسح مملكة البؤس والإرهاب والفساد عن وجه
البسيطة».
ما قاله
الجعفري ليس تهديداً للسُّعودية إِنَّهُ استفزاز لتقوم بقصف سوريا... يبدو لي أنَّ
النِّظام السُّوري ينتظر هٰذه الضَّربة لأن هٰذه الضَّربة باتت المخرج الأخير
والوحيد لبشار الأسد كي يغادر السلطة بطريقةٍ غامضة وعلىٰ أساس ضاعت الطاسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق