وليمة العميان
منذ سنة ونصف تقريباً
كتبت إنَّ الثَّورة السُّوريَّة صارت مثل حال وليمة العمليان.
وما وليمة العميان؟
هي قصة حقيقيَّة
بكامل تفاصيلها الآتية. يعرفها أهالي مدينة معضمية الشام لأنَّها وقعت فيها منذ نحو
أربعين سنة أو أكثر.
تبدأ القصة مع
رجل يحبُّ المزاح، (ويطحش) في مزحه أحياناً كما فعل في هٰذه القصة.
دعا هٰذا الرَّجل
عميان القرية إلىٰ العشاء، (كانت المدينة قرية حينها) وكانوا نحو خمسة عميان حينها.
وأعدَّ لهم من الطَّعام ما قدره الله عليه لم يبخل. وأكل العميان وهم يدعون له بالخير
والرزق والبركة. وسقاهم الشَّاي بعد الطَّعام وَفْقَ الأصول.
ورفع الكاسات بعدما
رفع أطباق الطعام. وأطفأ الضَّوء بإحساس المبصرين، ناسياً في غفلة أنَّ العميان تستوي
عندهم الأنوار والظُّلم. ولكنَّ إحساسه الإبصاري بسوء طويته هو الذي قاده إلىٰ إطفاء
النُّور.
وبعدما أطفأ النُّور
صَفَعَ أحدهم كفًّا، والثَّاني رفسةً، ودفع الثَّالث علىٰ الرابع... وخرج يراقب من
النافذة بسمعه.
مثلما يحدث في
أفلام كرتون طبعاً، كلُّ واحدٍ وَجَبَ عليه الدِّفاع عن نفسه، أو رد الفعل المناسب،
وبدأ الرفس والصفع علىٰ الفاضي وعلىٰ المليان، ولمن كان السَّبب ولمن لم يكن سبباً...
ولم يكن أحدٌ منهم سبباً.
تخيلوااااااااااااااا
المشهد الآن
غرفة فيها عميان،
وبعضهم خرسان.
بعضهم بيده عصا،
بعضهم بيده مخدَّة، بعضهم بيديه وحسب...
وفي لحظة الكلُّ
يضربُ الكلَّ
لا يرى من يضرب
مرَّة يصيب ومرَّات
يخيب
ولا يستطيع التَّفاهم
مع أحد
لا نريد الانتقال
إلىٰ مشهد السَّكران والصَّحيان، حيث السَّكران هو الصَّحيان والصَّاحي هو السَّكران،
ومن يحارب الحقَّ هو الواقعي، ومن يحارب الباطل هو الخيالي!!!
المشهد كما هو
واضح، ولا يحتاج إلىٰ أي شرحٍ أو تشبيهٍ. أغمض عينيك وتخيَّل المشهد. عندما تتخيَّل
المشهد وتضحك حَتَّىٰ تدمع عيناك، وتفاجئ بأنَّ دمعك دمع بكاء... عندها افتح عينيك
وانظر إلىٰ الثورة السُّورية تجد أنَّ حالها هو حال هؤلاء العميان.
لا تحدثوني عن
انتصارات أبداً، كلُّ الانتصارات بسبب هشاشة النِّظام وضعفه لا بسبب تخطيط الثَّورة
ولا تنظيمها، وقد قلت هٰذا الكلام في لقاءٍ تلفزيونيٍّ منذ سنة تقريباً أو أكثر.
أقول كتبت هٰذا
المثال الشَّاهد منذ نحو سنةٍ ونصف، وصعب عليَّ
العثور عليه بَيْنَ المنشورات السَّابقة فأعدت كتابته كما هو فالقصة لم تتغير.
ولٰكن ما أود أن أختم به هو:
إذا كان هٰذا حال
ثورتنا منذ سنة ونصف، والأمر يزداد فوضوية وتشتتاً وضبابية منذ ذۤلكَ الحين، ولم تحدث
أيُّ محاولة إنقاذٍ... ترى ماذا يمكن أن نقول عن الثَّورة اليوم؟؟؟
منذ أكثر من
شهرين انتشرت فضيحةٌ خطيرةٌ. أثارت الكثير من علامات الاستفهام منذ فترة غير قصيرة
ولٰكن لم يتابعها أحد.
نحو أربع سنوات
من عمر الثَّورة ورامي عبد الرحمن (أسامة سليمان) هو المصدر شبه الوحيد، والأساسيُّ
لكلِّ وسائل الإعلام ووكالات الأنباء والمنظَّمات الدُّوليَّة لكلِّ ما يتعلَّق بالثَّورة
السُّورية. وفجأةً تبيَّن أنَّ رامي رئيس فرع مخابرات للنِّظام السوري لا أعرف رقمه
ولٰكن اسمه فرع «المرصد السوري لحقوق الإنسان!!!!»
يا ترى هل النِّظام
قويٌّ إلىٰ هٰذه الدرجة أم أنَّ قادة الثَّورة ما بَيْنَ أغبياء ومشغولين بالسَّرقة
والنَّهب والاستعراض ولا يهمهم أن يتابعوا مثل هٰذه الأمور؟
أثيرت هٰذه
القضية منذ أكثر من سنتين، ثمَّ أثيرت غير مرة علىٰ مدار السَّنتين ولۤكنَّهَا
كانت دائماً تمرُّ مروراً عابراً لا يلفت نظر أحدٍ... ترى هل هٰذه ثورة، وهل يمكن
أن تنتصر ثورة بهٰذه المواصفات؟؟؟
ومنذ سنتين
أيضاً أثرت ما يشبه هٰذه المسألة من أن هناك الكثير من الإعلاميين الثوريين هم
مندوبون للنظام... لا دليل لدي سوى لغتهم، أسلوبهم في الكتابة، طريقة إثارتهم
للأفكار والموضوعات... لم يتغير شيء، بقي كل شيء يسير كما هو... من الطبيعي أن لا
يتغير شيء لأنَّ هٰؤلاء هم القادة الحقيقيون لإعلام الثورة ولا إعلام للثورة، لا
مؤسسة إعلامية للثورة، ولا مرجعية إعلامية للثَّورة، وإعلاميو الثَّورة مثل قيادي
الثَّورة كل واحد منهم دولة وزعامة وهيهات يستطيع أحد أن يحكي معه... من السَّهل
أن تحصل علىٰ موعد للتَّكلم مع أيِّ رئيس دولة أوروبيَّة وليس من السَّهل أن تحصل علىٰ
موعد لتحكي مع واحد منهم!!!
ودمتم سالمين.
نقطة لم ينته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق