الاثنين، 10 نوفمبر 2014

هل صار الحذاء رمز النظام السوري؟



في بدايات الثَّورة كتبت وتكلَّمت غير مرَّةٍ بأن الذي يحرِّض النَّاس على الثَّورة هو غباء النِّظام. لم يكتف النِّظام بتمادي الفساد والطغيان اللذين يكفيان وحدهما لإيقاد مشاعل الثَّورة بل أضاف أنَّهُ عندما قامت الثورة قابلها بكلِّ ما يزيد تحريض النَّاس على الثورة أكثر، وتحريض من لم يكن مع الثَّورة على الثَّورة.
واستمرت الأمور على ما هي عليه من استعداء النِّظام للشَّعب بطريقةٍ يتدفَّق الغباءُ منها تدفقاً مدهشاً وعجيباً. وبعدها كتبت غير مرَّة كيف أنَّ النظام هو الذي يؤجِّج الثَّورة ويفرض على النَّاس عدم التراجع.
اليوم يعود النِّظام إلى استفزاز للعقل والمنطق والأخلاق والقيم بكلِّ أنواعها ويجعل الناس المتردِّدة في الوقوف مع الثورة تقف على الرَّغْمِ منها مع الثَّورة، بل يقف شعر رأسها أمام هذا الاستفزاز، إنَّهُ شعار الدولة الجديد: إعلان الحذاء المنتشر في شوارع دمشق وفوقه عبارة: (لنداوي جراحكن)... جراحكن وليس جراكم، ولهذا أكثر من دلالالة.
أنا لن أسأل عن شعور الشَّعب السوري. أريد أن أسأل النظام بكلِّ مؤسساته الثقافية والاجتماعية والتربوية والسياسية والأمنية:
ـ كيف تحترمون أنفسكم وأنتم تشعرون أنكم تحكمون حشرات تدوسونها بالحذاء؟
ـ كيف ترون إلى أنفسكم وأنتم تسوِّقون نفسكم للشعب بهٰذه الطريقة؟
ـ كيف يمكن أن تقنعوا أنفسكم قبل غيركم بأنكم تقودون دولة؟
لو أنكم ترون أنَّكم تحكمون بشراً لما فعلتم ذۤلكَ أبداً، ولكسرتم الأيدي التي رسمت وكتب ونشرت هٰذه اللوحة.
وإذا كنتم تقولون للشَّعب: سندوسكم بالحذاء. فماذا تنتظرون من الشَّعب؟
غباء لا يمكن تصديقه.
غباء فاق كلَّ الحدود والتصورات والتخيلات.
السؤال الذي قد يطرحه بعضهم:
لماذا يصرُّ النظام على قطع كلِّ حبال التَّواصل مع الشَّعب؟
لماذا يجعل النِّظام نفسه أمام أحد خيارين هو الخاسر فيهما في النِّهاية خسارةً فادحةً؟
النِّظام بهٰذا الاستفزاز المتواصل قطع كل إمكانات التواصل ثانيةً مع الشعب السوري. في الحقيقة قطعها منذ زمن، ولۤكنَّهُ الآن يزيد في شحن الناس أكثر وأكثر. والخياران اللذان وضع نفسه أمامهما هما: إمَّا أن يسحقه الشعب سحقاً، أو أن يسحق الشعب كله سحقاً.
للأسف يظنُّ بشار الأسد أن يستطيع أن يسحق أو يبيد شعباً كاملاً. وهو مقتنع بذۤلكَ، وكل ما يمارسه على الأرض يدل على أنَّهُ، كما كتبت منذ ثلاث سنوات، أدرك أنَّهُ إما هو أو الشعب، ومضى منذ ذۤلكَ الحين بمشروع إبادة الشعب... نعم إبادة الشعب، قام بتهجير أكثر من ربع الشعب السوري خارج سوريا، وشرد أكثر من ثلثي الشعب داخل سوريا. ويقولون إنَّهُ يستقدم مستوطنين إيرانيين وأفغان وغيرهم ويوطنهم في الأمكان التي تَمَّ تهجير أهلها... يقولون والقول غير بعيدٍ الواقع وإن لم يقع فعلاً.
إذا صحَّ أنَّهُ اختار ذۤلكَ، وأستبعد أن يصحَّ غيره أكثر منه بقليل أو كثير، فإن المأساة كبرى، بل أكبر من كبرى. المأساة كبرى وشنيعة لثلاثة أسباب على الأقل:
أولاً: صمت المجتمع الدولي، بل دعم المجتمع الدولي للنظام السوري في كل ما يقوم به، وفي الوقت ذاته محاصرة الثورة من كلِّ حدبٍ وصوبٍ.
ثانياً: حرب الإبادة التي أكلت حَتَّى الآن الأخضر واليابس في سوريا، واستمرار هٰذه الإبادة إلى أن يحسم الصِّراع بطريقة أو بأخرى.
ثالثاً: عدم إمكانية الوصول إلى أي حل تصالحي أو حَتَّى تصالح اليوم أو غداً مهما كانت نتائج الثورة، سواء انتصرت الثورة أم انتصر النظام.
هٰذا كله مما يثلج صدر المجتمع الدولي الذي يرقص طرباً وفرحاً على أنغام إبادة السوريين ودمار سوريا. ولٰكنَّ السؤال الذي يجب طرحه على بشار الأسد ومن يقف معه: إلى أين؟ وما النَّتيجة التي ستصلون إليها في نهاية المطاف؟
سيهرب الكثير من الموالين إلى أوروبا كما يفعلون الآن. هٰذا صحيح. ولٰكن ماذا بعد ذۤلكَ لمن هرب وللأكثرية منهم ممن لن يستطيعوا الهروب؟
لا أريد القول لو، ولو... أريد أن أقول يجب أن يفكر كل من يقف مع النظام، والنظام هو بشار الأسد فقط، ويتساءل: وماذا بعد؟
* * *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق