الجمعة، 21 نوفمبر 2014

التحالف الدولي في خدمة بشار الأسد



مؤخراً صار الخطاب الأمريكي يقول إن الأسد يدعم داعش. لم يكن الأمر كذلك سابقاً، ولكن هذا التحول يضع أمريكا في زاوية الكذب والمسخرة، فإذا كان الأسد يدعم داعش كما تقولون أيها الأمريكيون: لماذا تضربون الفرع وتتمسكون بالأصل؟!!
هل يوجد عاقل يقبل بهذا الهبل؟!
الحقيقة أن أمريكا تريد أن تعزف على الوتر القديم الذي حرضت فيه السوريين والجيش الحر على داعش... أعجبتها النغمة وتحاول استثمارها، ولۤكنَّهَا وقعت في غباء تصريحاتها وأعمالها. فهي تقول إنَّهما طرفٌ واحدٌ ومع ذۤلكَ تضرب طرفاً وتدعم طرفاً، تقول إنَّ الأسد يدعم داعش ولۤكنَّهَا تضرب داعش الفرع وتتمسك ببقاء الدَّاعم، الأصل!!!
من باب التذكير، كيري اليوم 20/11/2014م يكرر ذرائع السوريون وحججهم التي انتشرت منذ نحو سنة لإثبات أَّن داعش صنيعة النظام، وهي أنَّ النظام لا يضرب داعش بينما يضرب الجيش الحر... يعني أمريكا بعظمتها متخلفة عن الإعلام السوري سنة كاملة.
بل إن الأمر تجاوز هٰذه التفصيلة التناقضية التي باتت صغيرة أمام حقيقة ما يحدث علىٰ الأرض. ونحن في ذۤلكَ لا نزيد في تحليلنا عن تحليل السياسيين الأمريكيين أنفسهم في هٰذا الشأن، حَتَّىٰ لا يقال هٰذه رؤيتكم، ورؤيتنا أصدق منهم كلهم علىٰ أي حال. ففي تأكيد رؤيتنا هٰذه تحديداً، التي سبق وكتبنا فيها منذ بداية التحالف أكثر من مرة. اليوم أيضاً 20/11/2014م كتب موقع كلنا شركاء مقالاً بعنوان: «فورد: أصبحنا القوات الجوية لبشار الأسد». نقل المقال عن فورد قوله:«إنَّ الضربات الجوية الهادفة إلى تحطيم قوة تنظيم الدولة، تعزز نظام بشار الأسد». وأضاف فورد أمام جلسة بعنوان (الخطوات القادمة في السياسات الأميركية تجاه سوريا والعراق)، نُظمت في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي: «لقد أضرت الضربات الجوية في سوريا بالمعارضة المعتدلة، وقللت من مصداقيتها، وأضعفت جبهة النصرة التي تحارب نظام الأسد... إننا نساعد نظام الأسد بشكل مباشر عندما نضرب أهداف داعش شرق سوريا».
وأشار فورد إلى أنَّ الضَّربات الجوية للتحالف على إحدى المناطق، التي كانت المعارضة تحاصر قوات النظام فيها، تسببت في تمكن قوات النظام من خرق الحصار، قائلاً: «لقد بتنا نقوم بدور القوات الجوية للأسد».
عجائب الأمريكان لا تنتهي
ومن عجائب هٰذا السلوك ذاته، ولا نذهب إلىٰ مسلسل العجائب الأمريكية التي وقفنا عندها كثيراً، ولا أظن أننا سنفرغ منها،  أنَّهُ بالتزامن مع هٰذه التصريحات والسلوكات ذاتها، أي المؤاخاة بَيْنَ داعش والنظام، وضرب داعش ودعم النظام، نجد تصريحاً آخر لا ينفصل عنها وهو القول علىٰ الفور إن النظام السوري، أو بشار الأسد فقد شرعيته، بشار الأسد ديكتاتور مستبد يقتل شعبه...
هٰذا ليس كلام كيري وحده، وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيچل أيضاً قال أكثر من مرة، فيما ذكرنا في تاريخه، «إنَّ نظام الأسد استفاد من التحالف الدولي». وأضاف غير مرَّة أيضاً مكرساً المفارقة التي نتحدث فيها: «إن الأسد هو الذي خلق الفوضى في سوريا» أي خلق داعش التي تحاربها أمريكا. وأضاف مؤكداً: «أن لا حل عسكري للوضع في سوريا، ولا بديل عن الحل السياسي»، أي أمريكا لا تريد زوال الأسد ولا نظام الأسد!!
غريب، عجيب. كيف اتفق لهم أن يستوعبوا هٰذه الخلطة التي لا تستقيم في ميزان ولا قبَّان؟ ألا يشعرون بالخجل من أنفسهم، لا من أحد غيرهم، وهو يخلطون هٰذه الخلطة التي لا تختلط، ويمزجون هٰذا المزيج الذي لا يمكن يمتزج؟!
حقيقة الأمر محير بشدة لا تصدق ولا تحتمل. إنها شبيهٌ بحال من الأحوال بقول الإمام الغزَّالي: «كمن يريد أن يزن الجبال بميزان الذَّهب».  إنهم كمن يصب الزيت والماء في كوب ويقدمه علىٰ أنَّهُ محلول جديد!! إنهم كمن يركب صناديق مكعبة بدل عجلات السيارة، ومع ذۤلكَ يزعم أنَّ السيارة ستسير بشكل أفضل... بل أجد هٰذه التشبيهات أكثر منطقية من التناقضات الأمريكية. أجدها أكثر تناقضاً لأنَّ أمريكا ليست مضطرة للكذب هٰذا النوع من الكذب الذي لا يمكن تصديقه، القائم علىٰ تناقضات تفقأ عين المنطق، تفقأ عين العقل.
من الذي سيعترض علىٰ أمريكا إذا كانت صريحة في دعمها أو قبولها أو رفضها؟
لا أحد. لا أحد يجرؤ، ومن يجرؤ لا يحق له أن يعترض. هٰذه أمريكا وهٰذه مصالحها. فلماذا تصر علىٰ وضع نفسها في مواقف مشينة، تجلب العار لها؟